الموضوع : رؤية حركة تحرير السودان الإرادة الحرة حول الإستراتيجية الجديدة لتحقيق السلام الشامل و الأمن و التنمية بدارفور مقدمة
صفحة 1 من اصل 1
الموضوع : رؤية حركة تحرير السودان الإرادة الحرة حول الإستراتيجية الجديدة لتحقيق السلام الشامل و الأمن و التنمية بدارفور مقدمة
يقول الله تعالى في محكم تنزيله ( و أمرهم شورى بينهم) صدق الله العظيم
بعد الإطلاع على وثيقة الإستراتيجية الجديدة التي طرحتها الحكومة و من خلفها حزبها الحاكم للوصول الى التسوية السلمية لأزمة الدولة السودانية في دارفور , و في هذه المرحلة الحرجة و الدقيقة من تاريخ أمتنا السودانية و هي تواجه تحديات جسيمة و إمتحان عصيب للحفاظ على وحدة أرضه و شعبه من خلال الإستفتاء المرتقب وفقاً لبنود إتفاقية السلام الشامل .
إن أزمة دارفور التي إحتلت موقع الصدارة في الأجندة السياسية وطنياً و إقليمياً و دولياً نتيجة لفصول المعاناه الإنسانية المروعة التي إهتزت لها الضمائر الإنسانية الحية المحلية و العالمية , و التي ما زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن , و في ظل تشعب مسالك البحث عن إصلاح الأحوال و تلمس المخارج التي يكون منها إنقاذ الإقليم و البلاد من الأزمة و بالسرعة المطلوبة .
إن نظرتنا للإستراتيجية المطروحة لا بد أن ينضوي على شمولية إحاطتها بكافة جوانب الأزمة الماثلة , للعمل على إقتلاع جذورها لتثبيت ركائز متينة للتسوية القادمة حتى لا تتكرر المأساة مرة أخرى .
إننا نقر بأن الأفكار التي حوتها الوثيقة بها من الإحاطة بكثير من جوانب الأزمة , إلا أن تركيزها على قشور الأزمة دون التعمق في جذورها و أعماقها , فذلك يحد من موضوعيتها , و ما نطرحه من ملاحظات و أفكار تندرج في إطار التكامل لإستكمال النواقص التي نراها ضرورية لتحقيق الأهداف المرجوة .
إن الهدف الجوهري الذي ورد في وثيقة الإستراتيجية الجديدة يتلخص في تحقيق التسوية السلمية لإعادة الحياة الي طبيعيها بتضافر جهود الجميع لإحداث الإستقرار في الأوضاع الأمنية و توفير الضمانات و تقديم المحفزات لعودة المخرجين من ديارهم و دفع عجلة التنمية الي الأمام من خلال إنتهاج أستراتيجيات متسقة أهمها إعادة الأمر لأهل دارفور مع الإستعانة بالجهود الدولية و الإقليمية في إستتباب الأمن و دعم عمليات البناء و إعادة الإعمار , و كذلك دفع مجتمع دارفور للتصالح فيما بينه للوصول الي التسوية السياسية الشاملة عبر مفاوضات و حوارات داخلية و خارجية مع إحترام الإتفاقيات السابقة .
رؤية الحركة
إننا في حركة تحرير السودان الإرادة الحرة ننظر الي مشكلة دارفور من خلال أعماق التاريخ الذي مر به دارفور منذ أن كانت سلطنة قائمة بذاتها , و ما بنتها من أرث في الحكم و علاقات في محيطها الإقليمي و الدولي , و إسهاماتها في بناء الدولة السودانية الحديثة , و الأزمات التي مرت بها في الحقب التاريخية المختلفة , و كذلك كيفية إدماجها في هذه الدولة السودانية الحديثة أمنياً و إقتصادياً و سياسياً و إجتماعياً و ثقافياً , فإن أردنا أن نبني إستراتيجية و اضحة المعالم للتعامل مع أزمة دارفور , لا بد لنا من أن نحيط بعمق المشكلة لنتفهمها جيداً و من ثم نحدد الأسس التي تعيننا على بناء خطتنا حولها بكل صدق و تجرد , و لذا نلقي أهمية خاصة الي النقاط التالية لأهميتها في تطور الأحداث في دارفور :-
1- إن الدولة السودانية الحديثة التي تكونت جغرافياً و إجتماعياً و أحياناً سياسياً من ركام سلطنتان هما السلطنة الزرقاء و سلطنة دارفور , حيث كانتا حكمان متجاورتان تتعاونان أحياناً و تتنافسان أحياناً أخرى , و من الملاحظ أن القيم الثقافية و الإرث الإداري لسلطنة سنار هي التي سادت في الدولة السودانية الحديثة دون غيرها بعد إنزواء العناصر المحلية من ذاك الإرث .
2- إدماج الدولة الدارفورية في الدولة السودانية تمت من الناحية الأمنية , و لم يتبع فيه إجراءات دمج دولة قائمة تتمتع بالإستقلالية الكاملة في دولة أخرى , مما أدى الي إبعاد قيمها الثقافية و إرثها الإداري في مكونات الدولة الحديثة , حيث لم يراعى أسس الدمج الإجتماعي و الثقافي و السياسي و الإقتصادي.
3- الدولة الوطنية الحديثة التي تشكلت في السودان لم تراعي معالجة الإخلالات التي صاحبت عمليات دمج دارفور في دولة السودان , بل سارت في تنفيذ نفس الخطط و الإستراتيجيات التي وضعها المستعمر و التي جعلت دارفور مستودعاً للعمالة الرخيصة للمشروعات التي أقيمت في وسط السودان , و تركت دارفور لتتفاعل عناصرها الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية بطريقة تقليدية من دون تطوير .
4- ظهور مشاريع إستراتيجية لبعض الفئات في دارفور سياسية و إجتماعية , و هي تتناقض مع الواقع مما أدى الي خلخلة النسيج الإجتماعي , و حدوث التصادمات بين مكونات المجتمع , و إنقسامه عرقياً من دون وجود الرادع القوي التي تحجمها بل تجد العض من تلك المشاريع المباركة من المركز , أدى ذلك في النهاية الي حدوث التذمر و الفوران من بعض الفئات التي شعرت بأن تلك الإستراتيجيات قد إستهدفتها مما أفقدها الثقة في الدولة بسبب مظاهر المحاباه و المناصرة منها لبعض أصحاب الإستراتيجيات .
5- القيم الإجتماعية لدارفور و التي تشكلت عبر قرون لم تتم عكسها بشكل ملموس في ساحات الدولة السودانية الحديثة , مما أعطى إحساس لمواطني دارفور للشعور بالدونية أمام بقية مواطني السودان .
6- على الرغم من أن مجتمع دارفور من أكثر المجتمعات إنتشاراً في السودان , و لكن لضعف قدراتهم التأهيلية تجدهم يمتهنون المهن الهامشية كعمالة في المشاريع الزراعية و الصناعية و مشاريع إنتاج الفحم , أما في المدن فيعملون كعمال نظافة , و غسيل و كي الملابس , و خدم البيوت مما جعل الآخرين ينظرون اليهم بإحتقار خاصة في وسط السودان بإطلاق بعض الألفاظ عليهم مثل لفظ (الغرابة).
7- حملة الكشات التي قامت بها حكومة مايو في ثمانينيات القرن الماضي ضد أبناء دارفور في الخرطوم و ما شكلها من إهانة لكرامة الإنسان الدارفوري و ترسباتها النفسية السيئة المحسوسة حتى الآن.
8- عملية تصدير النواب من الأقاليم الأخرى لدارفور في الحقب الديمقراطية السابقة لتمثيل شعب دارفور برلمانياً , مما شكل إزدراءً سياسياً غير مقبول من قواعد و قيادات دارفور السياسية و الإجتماعية .
9- النظر الي الحركات المطلبية السلمية التي قام بها أبناء دارفور بشأن حقوق مناطقهم المشروعة , و وصف القائمين بأمر السلطة في الدولة حينها لتلك الحركات بأنها حركات جهوية و عنصرية تتناقض مراميها مع توجهات الدولة المركزية دون بذل الجهد الحقيقي لإيجاد المعالجات لها , كان ذلك سبباً في تطور تلك الحركات الي حركات ثورية مسلحة لاحقاً.
الأزمات التاريخية التي مرت بها دارفور
التراكمات التي نتجت بسبب الأزمات التي مر بها شعب دارفور خلال الحقب التاريخية المختلفة طبيعية كانت أم غير طبيعية , و أثرها علي الأوضاع الماثلة و أهم تلك الأزمات هي :-
أ- حملة محمد البك دفتردار عام 1823م إنتقاماً لمقتل إسماعيل إبن خديوي مصر في شندي , فقد دفع دارفور ثمناً باهظاً لجريرة لم يكن لها فيها يد حيث قتل و شرد مواطني دولته و إقتطاع جزء منها (مملكة المسبعات في كردفان) , مما أدى الي إنفصال تطور العلاقات الطبيعية لدارفور مع بقية أجزاء السودان .
ب- هجوم الزبير باشا لدارفور عام 1875م و إستشهاد أكثر من عشرون الف مجاهد من مواطني دارفور في معركة منواشي دفاعاً عن سلطنتهم , على رأسهم رأس الدولة السلطان إبراهيم قرض و ما صاحبت تلك الحملة من خراب للديار و أسر للأمراء و الأميرات و عرضهم للبيع في أسواق بيع الرقيق .
ت- حملة عامل الخليفة عبد الله التعايشي (عثمان جانو) عام 1888م , حيث أدخل لأول مرة بدعة حرق القرى وما تلا حملتة من مجاعة طاحنة أودى بحياة الكثيرين من أهل دارفور (مجاعة سنه 1306هجرية) .
ث- إحتلال الإنجليز لسلطنة دارفور عام 1916م و مقتل السلطان على دينار , و ما تم من إجراءات ضم ناقصة لدارفور في الدولة السودانية من دون مراعاه للجوانب الأخرى سوى الأمنية فقط , و إبعاد كافة الزعماء المحتملين أن يلتف حولهم أهل دارفور خاصة الأمراء كي لا تقوم ثورة مضادة .
ج- مصادرة أوقاف دارفور في مناطق شتي من العالم الإسلامي سيما في السعودية و العراق و إهمال الأخرى في القدس الشريف و مصر و الزيتونة مما أدى الي قطع علاقات دارفور التاريخية مع محيطها الإسلامي .
ح- المجاعات و موجات الجفاف التي إجتاحت دارفور خلال السبعينيات و الثمانينيات من القرن الماضي , و ما خلفها من آثار سيئة تمثل في الفقر و تغييرات في سلوك المجتمع و أخلاق أفراده بسبب القيم المستجلبة من الخارج بواسطة الذين أتوا من الدول المجاورة .
خ- الصدامات القبلية التي تفجرت في دارفور عام 1988م بسبب التنافس علي الموارد بين الرعاة و المستقرين , و ما صاحبها من قتل للمواطنين و إحراق للقرى و سلب و نهب للمواشي و الممتلكات .
د- ثورة بولاد عام 1991م و التي كانت إمتداداً طبيعياً لتطورات الحركات المطلبية الدارفورية من اللهيب الأحمر و منظمة سوني و جبهة نهضة دارفور , و طريقة مواجهة الحكومة لها عن طريق تجييش بعض القبائل و مدها بالعتاد الحربي و التي أستخدم لاحقاً في المواجهات القبلية , و فتحت قنوات التعاون بين تلك القبائل و الحكومة في التصدي للتمرد الأخير في دارفور .
ذ- الطامة الكبرى في الأحداث التي بدأت في شكل صراع قبلي محدود حول الموارد في جبل مرة , إبتداءً من نهاية تسعينات القرت الماضي و ما صاحبها من مذكرات و خطط و أفعال على الأرض و سكوت الدولة عنها , أفضى في النهاية الي حدوث المواجهات بين المتضررين من تلك الأفعال و الحكومة التي عجزت في توفير الحماية لهم من تلك الإعتداءات.
الوضع الراهن و إنعكاساته
إن تعقيدات الوضع الراهن و ما لها من إنعكاسات على مجمل الأوضاع في دارفور مما يؤثر في الوصول للتسوية السلمية المطلوبة و أهم عناصرها هي :-
1- إنقسام الحركات المسلحة فيما بينها بسبب التنافس على حصيلة الثورة و إنعكاس ذلك على مجتمع دارفور .
2- إنقسام مجتمع دارفور حول عدد من القضايا الجوهرية مثل وحدة الإقليم و عدمه و ما يشكله من إستقطاب سياسي حاد .
3- إنهيار بنية الخدمات الأساسية من أمن و تعليم و صحة و مياه و إنعدام المشاريع التشغيلية لإستيعاب الطاقات الإنتاجية لمولطني دارفور مما جعل البعض يدخل في مغامرات خطيرة تؤثر سلباً في المجتمع .
4- إنعدام مشاريع البنية التحتية و كذلك التنموية الرائدة لإستغلال الموارد الكامنة و توجيه عائداتها لصالح المواطنين .
5- التدهور البيئي و ما يشكله من مصدر للإحتكاك من أجل الموارد و السيادة على الأرض بين المواطنين , و كذلك عمليات التنافس السياسي بين المجموعات السكانية .
6- وجود معسكرات النازحين بالداخل و اللاجئين بالخارج و هي تعتبر عنواناً لأزمة دارفور , و صعوبة تنفيذ عمليات العودة الطوعية بسبب التعقيدات التي نشأت على الأرض من إحتلال للأراضي التي فر منها أهلها , و إنتشار الأسلحة , و إنعدام الموارد المالية لتمويل عملياتها و كذلك ضخامة المبالغ المالية المتوقع رصدها لتعويض المتضررين من الحرب.
7- إستغلال بعض القيادات الدارفورية سواء في الحكومة أو المعارضة للأوضاع الماثلة لتحقيق مصالحها الذاتية سياسية كانت أم إقتصادية , لذا تعمل على تكريس الأوضاع على ما هي عليه للمحافظة على مكتسباتها التي تحقق أثناء الحرب .
8- فقدان الثقة بين الحكومة وبعض الفئات التي تضررت من الحرب بسبب الغبن الذي ترسب لإنتقائية تعامل الحكومة مع بعض الفئات دون غيرها مما أدى الي إنقسام المجتمع بين مؤيد لأطروحات الحكومة و معاض لها .
9- إستغلال بعض القوى السياسية المعارضة لأوضاع دارفور للإستفادة منها في تحقيق أجندتها السياسية ضد الحكومة القائمة لإعتقادهم أن مشكلة دارفور حصان طراوده تمكنهم من تجاوز بوابات القصر الجمهورى .
10- ضعف أجهزة المؤسسات الدولية و الإقليمية المعنية بأزمة دارفور (اليوناميد) , و عدم مقدرتها على تنفيذ المهام الموكلة اليها بالصورة المطلوبة و المتمثلة في حماية المواطنين و تأمينهم من المخاطر .
اللاعبين الأساسين في الأزمة الدارفورية
إن أردنا رسم إستراتيحية مستقبلية للتعامل مع أزمة دارفور بفاعلية , فمن الضروري النظر الى اللاعبين الأساسين في المسرح الدارفوري , و توجيه أدوارهم في الإتجاه التي يخدم قضايا التسوية السلمية و اللاعبين الأساسين هم :
1- الحكومة السودانية و ضرورة توجهها نحو تحقيق السلام في دارفور بإرادة قوية و صادقة بعيداً من التكتيكات المرحلية .
2- الحركات المسلحة و أهمية توحيد رؤاها التفاوضية و ضمها الي العملية التفاوضية الجارية دون إستثناء و الا يصيبهم الغرور بسب الأضواء الزائدة عن اللزوم .
3- المتفلتين المسلحين و ضرورة حسم عملياتهم السلبية المتمثلة في السلب و النهب .
4- المليشيات القبلية و ما يقومون به من أدوار سالبة تؤدي الى خلخلة النسيج الإجتماعي بين مكونات المجتمع .
5- التشكيلات شبه العسكرية و ضرورة ضبط عملياتها العسكرية لتكون وفقاً للخطط العسكرية المعتمدة .
6- حسم وجود المعارضات المسلحة من الدول المجاورة لإستغلالهم السئ لظروف تواجدهم في دارفور , و عدم إحترامهم للإستضافة التي تمت لهم من دولة صديقة ذات سيادة .
7- اللاجئين و النازحين و أهمية الإعتراف بمشاكلهم و السعي الجاد لإحتوائها , أهمها حسم موضوع الإدعاء بوجود الأجانب الذين قاموا بإحتلال أراضيهم التي خلفوها في الخلف بسبب الحرب و التعويض و التأمين .
8- المنظمات الطوعية الوطنية و الأجنبية و ضرورة توجيه خدماتها لتنسجم و الأجندة الوطنية مع تطويرها وفق مراحل مدروسة لتحقيق أهداف التنمية و البناء بدلاً عن الإغاثات .
9- المجتمع المدني الدارفوري و أهمية إشراكها في كافة مراحل التسوية للأزمة.
10- المحيط الإقليمي و أجندة بعض الدول المجاورة إما بإستغلال مشكلة دارفور لتقوية مركزها أمام العالم أو بسبب الخوف من إنتقال مظاهر دارفور اليها , لذا تسعي للتواجد في دارفور بأي شكل من الأشكال.
11- قوات اليوناميد و ضرورة تفعيل قدراتها و تنسيق أدوارها مع الحكومة و المجتمع لتنفيذ مهامها الأساسية في حماية المواطنين بصفة عامة و النازحين على وجه الخصوص .
12- المجتمع الدولي
القضايا التي تتطلب المعالجة
إن تهاوي الشعارات السياسية البراقة من كل أطراف صراع دارفور , و نفاد تكتيكاتهم و التمترس في المواقف هي التي أوصلتنا على ما نحن فيه , مما يتطلب من الجميع الإعتراف بعجزهم لإحتواء الأزمة , و من حسنات الإستراتيجية الجديدة المطروحة إشراكها للجميع في مرحلة الإعداد ليتم إعدادها بناءً على الآراء الكلية , إذاً فمن المهم ملامسة الإستراتيجية المطروحة لبعض القضايا الجوهرية مثل :
أولاً : القضايا التي لا تحتاج الي تفاوض :-
هنالك عدد من القضايا هي في الأصل مسؤولية الحكومة , و لا تحتاج فيها لأي عمليات تفاوضية مع أي طرف , فقط عليها أن تتخذ القرارات و مباشرة عمليات الإصلاح و تلك القضايا هي :-
1- جمع السلاح من المواطنين على أن يكون ذلك وفق ترتيبات ممرحلة من الحصر و تقنين الحيازة و السيطرة ثم الجمع و تجفيف منابعها .
2- تسهيل مهمة توصيل الإغاثات لكل المحتاجين إلتزاماً بكافة المواثيقو البرتكولات التي تنظم العمل الإنساني و تحكم عملياته .
3- تغيير إستراتيجيات التعامل مع النازحين بالإعتراف بحقوقهم المشروعة في التعويض أسوة ببقية مواطني السودان في المناطق الأخرى الذين تم تعويضهم عن الأضرار التي أصابهم بسبب الكوارث أو إقامة المشروعات التنموية التي نفذت في مناطقهم , و كذلك العمل على إزالة كافة العقبات التي تعترض سبيل عودتهم الي ديارهم عودة آمنة و بكرامة تحت ظل ظروف أمنية ملائمة .
4- تمهيد الطريق لتطبيق العدالة الإجتماعية و القضائية لإستعادة حقوق المتضررين , مع تفعيل الآليات التقليدية بالإستفادة من إرث مجتمع دارفور في معالجة الخلافات البينية .
5- إعادة بناء العلائق الإجتماعية بين مكونات مجتمع دارفور و إحترام موروثاتها في المجالات المختلفة و إبعاد السياسات المركزية التي تؤدي الى زعزعة الأوضاع .
6- السعي لرفع مستوى تقديم الخدمات الأساسية لمواطني دارفور من تعليم و صحة و مياه و غيرها من الخدمات ليكون في مستوي المعايير المعتمدة في الدولة كماً و كيفاً مع أهمية ربطها مع شبكة الخدمات القومية ما أمكن.
7- إحياء كافة المشروعات التنموية التي تمت تعطيلها في دارفور , سواء كانت مشروعات للطرق أو الكهرباء أو مشروعات الثروة الحيوانية أو الزراعة , و إستحداث مشروعات جديدة لإستيعاب الطاقات الإنتاجية العاطلة و محاربة الفقر بكا أشكاله , و كذلك إقامة مشروعات التنمية البشرية لرفع معارف و قدرات المواطنين في المجالات المختلفة .
8- تشجيع الإستثمارات الوطنية و الأجنبية و توجيهها لإستغلال الموارد الكامنة في دارفور , و كذلك رفع سقوفة التمويل للبنوك العاملة فيه كي يكون لها مردود إيجابي في تنمية وتطوير إقتصاديات مجتمع دارفور .
ثانياً : قضايا التسوية المطلوب حسمها في منبر التفاوض :-
و هي المرحلة الجارية الآن في المنبر المفتوح في الدوحة بحيث لا يشكل ما يتم التوصل اليه هناك حداً نهائيا فاصلاً في عملية التسوية , بل يكون جزءً منها , و لكن المهم أن يشارك فيها الجميع , إما بآرائهم أو بأشخاصهم خاصةً الفصائل المسلحة و المجتمع المدني الدارفوري و النازحين و اللاجئين مع عدم عزل المجتمع الدولي و الإقليمي المساند للعملية التفاوضية و ذلك لحسم القضايا الآتية :-
أ- : قضية قسمة السلطة :-
الأصل في موضوع المشاركة في السلطة هي الممارسة الديمقراطية الحقة و ما يفرزها من أنصبة عبر الأوعية السياسية , و لكن لأن دارفور قد حرمت في الحقب التاريخية السابقة من التمثيل الموازي لحجمها الطبيعي في مؤسسات الدولة السودانية إلا بالقدر الذي يخدم أغراض الأخرين , لذلك نرى من الأهمية بمكان معالجة أمر إشراك أبناء دارفور في السلطة المركزية بحيث يعبر ذلك عن حجمهم , و كذلك معالجة خلل تمثيلهم في الخدمة المدنية و العسكرية و كافة المؤسسات القومية بالصورة التي تجعل تلك المؤسسات تعبر عن قوميتها و حياديتها .
أما إقليمياً فالأمر محسوم من خلال الحكم الفدرالي المعتمد في الدولة حالياً , و لمعالجة أمر الخلاف في طرح الإقليم الواحد أو عدمه , نرى أن يكون المرجعية فيه لمواطني دارفور للإختيار فيما بين الخيارات الواردة أدناه :
1- إقليم واحد من دون ولايات .
2- إقليم واحد بولايات متعددة .
3- ولايات متعددة من دون إقليم .
ب : قسمة الثروة
نعلم أن الموارد الإقتصادية المتاحة للدولة السودانية محدودة و شحيحة , و على الرغم من ذلك فإن طريقة إستغلالها يشوبها الغبار بعدم تطبيق العدالة في توزيعة مما أدى الي ظلم بعض الجهات . و حسن الإستغلال يكمن في عدالة التوزيع لهذا القليل المتاح من الموارد , لذا نرى أن توضع معايير علمية بها تتم توزيع الثروة لكل السودانين مع تمييز إيجابي لكل المناطق التي همشت خاصة دارفور , على أن تتضمن تلك المعايير حجم السكان , ضعف البنيات الأساسية و التخلف .
ت : الأوضاع الإنسانية
إن تدهور الأوضاع الإنسانية و ما خلفه من آثار و مظاهر لا يقبله أي إنسان عاقل له أدنى شعور بالإنسانية , و التي تمثلت في وجود معسكرات بائسة لا ترقي ابدأ ليعيش بينها إنسان , الأمر الذي أدى الى وصف تلك الأوضاع بأنها أسوأ كارثة إنسانية في القرن الحادي و العشرين , و أصبح ذلك العنوان البارز لأزمتنا , مهدت الطريق للتدخلات الأجنبية في مشكلاتنا الداخلية بسبب عجز العقل السوداني في طرح الحلول الوطنية التي ترضي كل الأطراف و المؤسف أن مركز الدولة تهتم ببعض الأحداث الخارجية مثل أحداث فلسطين أكثر مما يعانيه مواطنية في دارفور الأمر الذي يزيد الشقة بين المواطنين و الدولة و نتساءل عن الدوافع وراء ذلك ؟.
المهم المطلوب من هذه الإستراتيجية الجديدة أن تتعامل مع حقائق الوضع الإنساني بجدية و مصداقية لإحتواء آثاره بصورة جذرية إبعاداً لشبح التدخلات الخارجية في شئوننا الداخلية.
ثالثاً : قضايا المجتمعات المحلية :
أكثر القضايا المؤثرة في مجتمعاتنا المحلية هي الصراعات القبلية المستحدثة بسبب التنافس على الموارد أو السيادة على الأرض , و بالتأكيد لا يخلو أي مجتمع من الصراع , و المدافعة طريق من طرق إبطال الإفساد لتحقيق الإصلاح و يكمن فلاح المجتمعات في قدرتها على حشد عناصر المغالبة و الإنتصار على الشر عن طريق تعديل سلوك أفراده ليتواكب مع قول الله عز وجل في محكم تنزيله (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) صدق الله العظيم , إن إستطالة الصراع المجتمعي الماثل دلالة على قصور في منهج التعامل مع أزمة الصراعات القبلية في دارفور , لذا فمن المهم تحديد الأسباب بدقة و السعي لمعالجتها بين مكونات المجتمع بالتراضي لتأسيس أسس العيش المشترك , و هنا يتطلب الأمر من كل أبناء دارفور بمختلف إنتماءاتهم السياسية و الإجتماعية التحلي بالحكمة و التنازل عن المواقف المتشددة التي تحكم العلاقات بينهم سياسياً و إجتماعياً.
آليات متابعة تنفيذ الإستراتيجية
من السهل إعداد إستراتيجية أو خطة , و لكن من دون متابعة لصيقة لمراحل تنفيذها و تقويمها و تصويب الإخلات فيها سوف لن ينتج عنها المردود الإيجابي المطلوب , و لفاعلية الإستراتيجية المطروحة الآن نرى أهمية إنشاء الآليات الملائمة لمتابعتها.
و من خلال فريق التفاوض الحالي الذي شكله فخامة رئيس الجمهورية و الذي يضم في عضويتة وزراء إتحاديين و ولاة ولايات دارفور , فإننا نرى أن هذا الفريق يمكن له أن يحقق ما لم يتم تحقيقه في السابق , و كي يكون هذا الفريق ملماً بكل جوانب الأزمة نقترح هيكلة الفريق التفاوضي كما يلي :
1- فريق التفاوض المشكل من قبل رئيس الجمهوريه في قمة الهرم لمباشرة مهامه التفاوضية حسب أمر تشكيله .
2- تشكيل لجان ولائية في ولايات دارفور تحت إشراف الولاه , تكون مهمتها جمع المعلومات و تنسيق آراء مجتمع الولاية و تقديم مقترحات الحلول لبعض القضايا المطروحة .
3- تشكيل لجان محلية برئاسة معتمد المحلية المعنية لتوصيل الرسائل و تعبئة المجتمع حول بعض القضايا التي تتطلب الإجماع .
ختاماً هذه هي رؤيتنا للإسهام بها في هذه الإستراتيجية الجديدة للتعامل مع قضية دارفور , طرحناها بكل تجرد بعيداً عن الهوي و الله من وراء القصد
و به التوفيق
بعد الإطلاع على وثيقة الإستراتيجية الجديدة التي طرحتها الحكومة و من خلفها حزبها الحاكم للوصول الى التسوية السلمية لأزمة الدولة السودانية في دارفور , و في هذه المرحلة الحرجة و الدقيقة من تاريخ أمتنا السودانية و هي تواجه تحديات جسيمة و إمتحان عصيب للحفاظ على وحدة أرضه و شعبه من خلال الإستفتاء المرتقب وفقاً لبنود إتفاقية السلام الشامل .
إن أزمة دارفور التي إحتلت موقع الصدارة في الأجندة السياسية وطنياً و إقليمياً و دولياً نتيجة لفصول المعاناه الإنسانية المروعة التي إهتزت لها الضمائر الإنسانية الحية المحلية و العالمية , و التي ما زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن , و في ظل تشعب مسالك البحث عن إصلاح الأحوال و تلمس المخارج التي يكون منها إنقاذ الإقليم و البلاد من الأزمة و بالسرعة المطلوبة .
إن نظرتنا للإستراتيجية المطروحة لا بد أن ينضوي على شمولية إحاطتها بكافة جوانب الأزمة الماثلة , للعمل على إقتلاع جذورها لتثبيت ركائز متينة للتسوية القادمة حتى لا تتكرر المأساة مرة أخرى .
إننا نقر بأن الأفكار التي حوتها الوثيقة بها من الإحاطة بكثير من جوانب الأزمة , إلا أن تركيزها على قشور الأزمة دون التعمق في جذورها و أعماقها , فذلك يحد من موضوعيتها , و ما نطرحه من ملاحظات و أفكار تندرج في إطار التكامل لإستكمال النواقص التي نراها ضرورية لتحقيق الأهداف المرجوة .
إن الهدف الجوهري الذي ورد في وثيقة الإستراتيجية الجديدة يتلخص في تحقيق التسوية السلمية لإعادة الحياة الي طبيعيها بتضافر جهود الجميع لإحداث الإستقرار في الأوضاع الأمنية و توفير الضمانات و تقديم المحفزات لعودة المخرجين من ديارهم و دفع عجلة التنمية الي الأمام من خلال إنتهاج أستراتيجيات متسقة أهمها إعادة الأمر لأهل دارفور مع الإستعانة بالجهود الدولية و الإقليمية في إستتباب الأمن و دعم عمليات البناء و إعادة الإعمار , و كذلك دفع مجتمع دارفور للتصالح فيما بينه للوصول الي التسوية السياسية الشاملة عبر مفاوضات و حوارات داخلية و خارجية مع إحترام الإتفاقيات السابقة .
رؤية الحركة
إننا في حركة تحرير السودان الإرادة الحرة ننظر الي مشكلة دارفور من خلال أعماق التاريخ الذي مر به دارفور منذ أن كانت سلطنة قائمة بذاتها , و ما بنتها من أرث في الحكم و علاقات في محيطها الإقليمي و الدولي , و إسهاماتها في بناء الدولة السودانية الحديثة , و الأزمات التي مرت بها في الحقب التاريخية المختلفة , و كذلك كيفية إدماجها في هذه الدولة السودانية الحديثة أمنياً و إقتصادياً و سياسياً و إجتماعياً و ثقافياً , فإن أردنا أن نبني إستراتيجية و اضحة المعالم للتعامل مع أزمة دارفور , لا بد لنا من أن نحيط بعمق المشكلة لنتفهمها جيداً و من ثم نحدد الأسس التي تعيننا على بناء خطتنا حولها بكل صدق و تجرد , و لذا نلقي أهمية خاصة الي النقاط التالية لأهميتها في تطور الأحداث في دارفور :-
1- إن الدولة السودانية الحديثة التي تكونت جغرافياً و إجتماعياً و أحياناً سياسياً من ركام سلطنتان هما السلطنة الزرقاء و سلطنة دارفور , حيث كانتا حكمان متجاورتان تتعاونان أحياناً و تتنافسان أحياناً أخرى , و من الملاحظ أن القيم الثقافية و الإرث الإداري لسلطنة سنار هي التي سادت في الدولة السودانية الحديثة دون غيرها بعد إنزواء العناصر المحلية من ذاك الإرث .
2- إدماج الدولة الدارفورية في الدولة السودانية تمت من الناحية الأمنية , و لم يتبع فيه إجراءات دمج دولة قائمة تتمتع بالإستقلالية الكاملة في دولة أخرى , مما أدى الي إبعاد قيمها الثقافية و إرثها الإداري في مكونات الدولة الحديثة , حيث لم يراعى أسس الدمج الإجتماعي و الثقافي و السياسي و الإقتصادي.
3- الدولة الوطنية الحديثة التي تشكلت في السودان لم تراعي معالجة الإخلالات التي صاحبت عمليات دمج دارفور في دولة السودان , بل سارت في تنفيذ نفس الخطط و الإستراتيجيات التي وضعها المستعمر و التي جعلت دارفور مستودعاً للعمالة الرخيصة للمشروعات التي أقيمت في وسط السودان , و تركت دارفور لتتفاعل عناصرها الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية بطريقة تقليدية من دون تطوير .
4- ظهور مشاريع إستراتيجية لبعض الفئات في دارفور سياسية و إجتماعية , و هي تتناقض مع الواقع مما أدى الي خلخلة النسيج الإجتماعي , و حدوث التصادمات بين مكونات المجتمع , و إنقسامه عرقياً من دون وجود الرادع القوي التي تحجمها بل تجد العض من تلك المشاريع المباركة من المركز , أدى ذلك في النهاية الي حدوث التذمر و الفوران من بعض الفئات التي شعرت بأن تلك الإستراتيجيات قد إستهدفتها مما أفقدها الثقة في الدولة بسبب مظاهر المحاباه و المناصرة منها لبعض أصحاب الإستراتيجيات .
5- القيم الإجتماعية لدارفور و التي تشكلت عبر قرون لم تتم عكسها بشكل ملموس في ساحات الدولة السودانية الحديثة , مما أعطى إحساس لمواطني دارفور للشعور بالدونية أمام بقية مواطني السودان .
6- على الرغم من أن مجتمع دارفور من أكثر المجتمعات إنتشاراً في السودان , و لكن لضعف قدراتهم التأهيلية تجدهم يمتهنون المهن الهامشية كعمالة في المشاريع الزراعية و الصناعية و مشاريع إنتاج الفحم , أما في المدن فيعملون كعمال نظافة , و غسيل و كي الملابس , و خدم البيوت مما جعل الآخرين ينظرون اليهم بإحتقار خاصة في وسط السودان بإطلاق بعض الألفاظ عليهم مثل لفظ (الغرابة).
7- حملة الكشات التي قامت بها حكومة مايو في ثمانينيات القرن الماضي ضد أبناء دارفور في الخرطوم و ما شكلها من إهانة لكرامة الإنسان الدارفوري و ترسباتها النفسية السيئة المحسوسة حتى الآن.
8- عملية تصدير النواب من الأقاليم الأخرى لدارفور في الحقب الديمقراطية السابقة لتمثيل شعب دارفور برلمانياً , مما شكل إزدراءً سياسياً غير مقبول من قواعد و قيادات دارفور السياسية و الإجتماعية .
9- النظر الي الحركات المطلبية السلمية التي قام بها أبناء دارفور بشأن حقوق مناطقهم المشروعة , و وصف القائمين بأمر السلطة في الدولة حينها لتلك الحركات بأنها حركات جهوية و عنصرية تتناقض مراميها مع توجهات الدولة المركزية دون بذل الجهد الحقيقي لإيجاد المعالجات لها , كان ذلك سبباً في تطور تلك الحركات الي حركات ثورية مسلحة لاحقاً.
الأزمات التاريخية التي مرت بها دارفور
التراكمات التي نتجت بسبب الأزمات التي مر بها شعب دارفور خلال الحقب التاريخية المختلفة طبيعية كانت أم غير طبيعية , و أثرها علي الأوضاع الماثلة و أهم تلك الأزمات هي :-
أ- حملة محمد البك دفتردار عام 1823م إنتقاماً لمقتل إسماعيل إبن خديوي مصر في شندي , فقد دفع دارفور ثمناً باهظاً لجريرة لم يكن لها فيها يد حيث قتل و شرد مواطني دولته و إقتطاع جزء منها (مملكة المسبعات في كردفان) , مما أدى الي إنفصال تطور العلاقات الطبيعية لدارفور مع بقية أجزاء السودان .
ب- هجوم الزبير باشا لدارفور عام 1875م و إستشهاد أكثر من عشرون الف مجاهد من مواطني دارفور في معركة منواشي دفاعاً عن سلطنتهم , على رأسهم رأس الدولة السلطان إبراهيم قرض و ما صاحبت تلك الحملة من خراب للديار و أسر للأمراء و الأميرات و عرضهم للبيع في أسواق بيع الرقيق .
ت- حملة عامل الخليفة عبد الله التعايشي (عثمان جانو) عام 1888م , حيث أدخل لأول مرة بدعة حرق القرى وما تلا حملتة من مجاعة طاحنة أودى بحياة الكثيرين من أهل دارفور (مجاعة سنه 1306هجرية) .
ث- إحتلال الإنجليز لسلطنة دارفور عام 1916م و مقتل السلطان على دينار , و ما تم من إجراءات ضم ناقصة لدارفور في الدولة السودانية من دون مراعاه للجوانب الأخرى سوى الأمنية فقط , و إبعاد كافة الزعماء المحتملين أن يلتف حولهم أهل دارفور خاصة الأمراء كي لا تقوم ثورة مضادة .
ج- مصادرة أوقاف دارفور في مناطق شتي من العالم الإسلامي سيما في السعودية و العراق و إهمال الأخرى في القدس الشريف و مصر و الزيتونة مما أدى الي قطع علاقات دارفور التاريخية مع محيطها الإسلامي .
ح- المجاعات و موجات الجفاف التي إجتاحت دارفور خلال السبعينيات و الثمانينيات من القرن الماضي , و ما خلفها من آثار سيئة تمثل في الفقر و تغييرات في سلوك المجتمع و أخلاق أفراده بسبب القيم المستجلبة من الخارج بواسطة الذين أتوا من الدول المجاورة .
خ- الصدامات القبلية التي تفجرت في دارفور عام 1988م بسبب التنافس علي الموارد بين الرعاة و المستقرين , و ما صاحبها من قتل للمواطنين و إحراق للقرى و سلب و نهب للمواشي و الممتلكات .
د- ثورة بولاد عام 1991م و التي كانت إمتداداً طبيعياً لتطورات الحركات المطلبية الدارفورية من اللهيب الأحمر و منظمة سوني و جبهة نهضة دارفور , و طريقة مواجهة الحكومة لها عن طريق تجييش بعض القبائل و مدها بالعتاد الحربي و التي أستخدم لاحقاً في المواجهات القبلية , و فتحت قنوات التعاون بين تلك القبائل و الحكومة في التصدي للتمرد الأخير في دارفور .
ذ- الطامة الكبرى في الأحداث التي بدأت في شكل صراع قبلي محدود حول الموارد في جبل مرة , إبتداءً من نهاية تسعينات القرت الماضي و ما صاحبها من مذكرات و خطط و أفعال على الأرض و سكوت الدولة عنها , أفضى في النهاية الي حدوث المواجهات بين المتضررين من تلك الأفعال و الحكومة التي عجزت في توفير الحماية لهم من تلك الإعتداءات.
الوضع الراهن و إنعكاساته
إن تعقيدات الوضع الراهن و ما لها من إنعكاسات على مجمل الأوضاع في دارفور مما يؤثر في الوصول للتسوية السلمية المطلوبة و أهم عناصرها هي :-
1- إنقسام الحركات المسلحة فيما بينها بسبب التنافس على حصيلة الثورة و إنعكاس ذلك على مجتمع دارفور .
2- إنقسام مجتمع دارفور حول عدد من القضايا الجوهرية مثل وحدة الإقليم و عدمه و ما يشكله من إستقطاب سياسي حاد .
3- إنهيار بنية الخدمات الأساسية من أمن و تعليم و صحة و مياه و إنعدام المشاريع التشغيلية لإستيعاب الطاقات الإنتاجية لمولطني دارفور مما جعل البعض يدخل في مغامرات خطيرة تؤثر سلباً في المجتمع .
4- إنعدام مشاريع البنية التحتية و كذلك التنموية الرائدة لإستغلال الموارد الكامنة و توجيه عائداتها لصالح المواطنين .
5- التدهور البيئي و ما يشكله من مصدر للإحتكاك من أجل الموارد و السيادة على الأرض بين المواطنين , و كذلك عمليات التنافس السياسي بين المجموعات السكانية .
6- وجود معسكرات النازحين بالداخل و اللاجئين بالخارج و هي تعتبر عنواناً لأزمة دارفور , و صعوبة تنفيذ عمليات العودة الطوعية بسبب التعقيدات التي نشأت على الأرض من إحتلال للأراضي التي فر منها أهلها , و إنتشار الأسلحة , و إنعدام الموارد المالية لتمويل عملياتها و كذلك ضخامة المبالغ المالية المتوقع رصدها لتعويض المتضررين من الحرب.
7- إستغلال بعض القيادات الدارفورية سواء في الحكومة أو المعارضة للأوضاع الماثلة لتحقيق مصالحها الذاتية سياسية كانت أم إقتصادية , لذا تعمل على تكريس الأوضاع على ما هي عليه للمحافظة على مكتسباتها التي تحقق أثناء الحرب .
8- فقدان الثقة بين الحكومة وبعض الفئات التي تضررت من الحرب بسبب الغبن الذي ترسب لإنتقائية تعامل الحكومة مع بعض الفئات دون غيرها مما أدى الي إنقسام المجتمع بين مؤيد لأطروحات الحكومة و معاض لها .
9- إستغلال بعض القوى السياسية المعارضة لأوضاع دارفور للإستفادة منها في تحقيق أجندتها السياسية ضد الحكومة القائمة لإعتقادهم أن مشكلة دارفور حصان طراوده تمكنهم من تجاوز بوابات القصر الجمهورى .
10- ضعف أجهزة المؤسسات الدولية و الإقليمية المعنية بأزمة دارفور (اليوناميد) , و عدم مقدرتها على تنفيذ المهام الموكلة اليها بالصورة المطلوبة و المتمثلة في حماية المواطنين و تأمينهم من المخاطر .
اللاعبين الأساسين في الأزمة الدارفورية
إن أردنا رسم إستراتيحية مستقبلية للتعامل مع أزمة دارفور بفاعلية , فمن الضروري النظر الى اللاعبين الأساسين في المسرح الدارفوري , و توجيه أدوارهم في الإتجاه التي يخدم قضايا التسوية السلمية و اللاعبين الأساسين هم :
1- الحكومة السودانية و ضرورة توجهها نحو تحقيق السلام في دارفور بإرادة قوية و صادقة بعيداً من التكتيكات المرحلية .
2- الحركات المسلحة و أهمية توحيد رؤاها التفاوضية و ضمها الي العملية التفاوضية الجارية دون إستثناء و الا يصيبهم الغرور بسب الأضواء الزائدة عن اللزوم .
3- المتفلتين المسلحين و ضرورة حسم عملياتهم السلبية المتمثلة في السلب و النهب .
4- المليشيات القبلية و ما يقومون به من أدوار سالبة تؤدي الى خلخلة النسيج الإجتماعي بين مكونات المجتمع .
5- التشكيلات شبه العسكرية و ضرورة ضبط عملياتها العسكرية لتكون وفقاً للخطط العسكرية المعتمدة .
6- حسم وجود المعارضات المسلحة من الدول المجاورة لإستغلالهم السئ لظروف تواجدهم في دارفور , و عدم إحترامهم للإستضافة التي تمت لهم من دولة صديقة ذات سيادة .
7- اللاجئين و النازحين و أهمية الإعتراف بمشاكلهم و السعي الجاد لإحتوائها , أهمها حسم موضوع الإدعاء بوجود الأجانب الذين قاموا بإحتلال أراضيهم التي خلفوها في الخلف بسبب الحرب و التعويض و التأمين .
8- المنظمات الطوعية الوطنية و الأجنبية و ضرورة توجيه خدماتها لتنسجم و الأجندة الوطنية مع تطويرها وفق مراحل مدروسة لتحقيق أهداف التنمية و البناء بدلاً عن الإغاثات .
9- المجتمع المدني الدارفوري و أهمية إشراكها في كافة مراحل التسوية للأزمة.
10- المحيط الإقليمي و أجندة بعض الدول المجاورة إما بإستغلال مشكلة دارفور لتقوية مركزها أمام العالم أو بسبب الخوف من إنتقال مظاهر دارفور اليها , لذا تسعي للتواجد في دارفور بأي شكل من الأشكال.
11- قوات اليوناميد و ضرورة تفعيل قدراتها و تنسيق أدوارها مع الحكومة و المجتمع لتنفيذ مهامها الأساسية في حماية المواطنين بصفة عامة و النازحين على وجه الخصوص .
12- المجتمع الدولي
القضايا التي تتطلب المعالجة
إن تهاوي الشعارات السياسية البراقة من كل أطراف صراع دارفور , و نفاد تكتيكاتهم و التمترس في المواقف هي التي أوصلتنا على ما نحن فيه , مما يتطلب من الجميع الإعتراف بعجزهم لإحتواء الأزمة , و من حسنات الإستراتيجية الجديدة المطروحة إشراكها للجميع في مرحلة الإعداد ليتم إعدادها بناءً على الآراء الكلية , إذاً فمن المهم ملامسة الإستراتيجية المطروحة لبعض القضايا الجوهرية مثل :
أولاً : القضايا التي لا تحتاج الي تفاوض :-
هنالك عدد من القضايا هي في الأصل مسؤولية الحكومة , و لا تحتاج فيها لأي عمليات تفاوضية مع أي طرف , فقط عليها أن تتخذ القرارات و مباشرة عمليات الإصلاح و تلك القضايا هي :-
1- جمع السلاح من المواطنين على أن يكون ذلك وفق ترتيبات ممرحلة من الحصر و تقنين الحيازة و السيطرة ثم الجمع و تجفيف منابعها .
2- تسهيل مهمة توصيل الإغاثات لكل المحتاجين إلتزاماً بكافة المواثيقو البرتكولات التي تنظم العمل الإنساني و تحكم عملياته .
3- تغيير إستراتيجيات التعامل مع النازحين بالإعتراف بحقوقهم المشروعة في التعويض أسوة ببقية مواطني السودان في المناطق الأخرى الذين تم تعويضهم عن الأضرار التي أصابهم بسبب الكوارث أو إقامة المشروعات التنموية التي نفذت في مناطقهم , و كذلك العمل على إزالة كافة العقبات التي تعترض سبيل عودتهم الي ديارهم عودة آمنة و بكرامة تحت ظل ظروف أمنية ملائمة .
4- تمهيد الطريق لتطبيق العدالة الإجتماعية و القضائية لإستعادة حقوق المتضررين , مع تفعيل الآليات التقليدية بالإستفادة من إرث مجتمع دارفور في معالجة الخلافات البينية .
5- إعادة بناء العلائق الإجتماعية بين مكونات مجتمع دارفور و إحترام موروثاتها في المجالات المختلفة و إبعاد السياسات المركزية التي تؤدي الى زعزعة الأوضاع .
6- السعي لرفع مستوى تقديم الخدمات الأساسية لمواطني دارفور من تعليم و صحة و مياه و غيرها من الخدمات ليكون في مستوي المعايير المعتمدة في الدولة كماً و كيفاً مع أهمية ربطها مع شبكة الخدمات القومية ما أمكن.
7- إحياء كافة المشروعات التنموية التي تمت تعطيلها في دارفور , سواء كانت مشروعات للطرق أو الكهرباء أو مشروعات الثروة الحيوانية أو الزراعة , و إستحداث مشروعات جديدة لإستيعاب الطاقات الإنتاجية العاطلة و محاربة الفقر بكا أشكاله , و كذلك إقامة مشروعات التنمية البشرية لرفع معارف و قدرات المواطنين في المجالات المختلفة .
8- تشجيع الإستثمارات الوطنية و الأجنبية و توجيهها لإستغلال الموارد الكامنة في دارفور , و كذلك رفع سقوفة التمويل للبنوك العاملة فيه كي يكون لها مردود إيجابي في تنمية وتطوير إقتصاديات مجتمع دارفور .
ثانياً : قضايا التسوية المطلوب حسمها في منبر التفاوض :-
و هي المرحلة الجارية الآن في المنبر المفتوح في الدوحة بحيث لا يشكل ما يتم التوصل اليه هناك حداً نهائيا فاصلاً في عملية التسوية , بل يكون جزءً منها , و لكن المهم أن يشارك فيها الجميع , إما بآرائهم أو بأشخاصهم خاصةً الفصائل المسلحة و المجتمع المدني الدارفوري و النازحين و اللاجئين مع عدم عزل المجتمع الدولي و الإقليمي المساند للعملية التفاوضية و ذلك لحسم القضايا الآتية :-
أ- : قضية قسمة السلطة :-
الأصل في موضوع المشاركة في السلطة هي الممارسة الديمقراطية الحقة و ما يفرزها من أنصبة عبر الأوعية السياسية , و لكن لأن دارفور قد حرمت في الحقب التاريخية السابقة من التمثيل الموازي لحجمها الطبيعي في مؤسسات الدولة السودانية إلا بالقدر الذي يخدم أغراض الأخرين , لذلك نرى من الأهمية بمكان معالجة أمر إشراك أبناء دارفور في السلطة المركزية بحيث يعبر ذلك عن حجمهم , و كذلك معالجة خلل تمثيلهم في الخدمة المدنية و العسكرية و كافة المؤسسات القومية بالصورة التي تجعل تلك المؤسسات تعبر عن قوميتها و حياديتها .
أما إقليمياً فالأمر محسوم من خلال الحكم الفدرالي المعتمد في الدولة حالياً , و لمعالجة أمر الخلاف في طرح الإقليم الواحد أو عدمه , نرى أن يكون المرجعية فيه لمواطني دارفور للإختيار فيما بين الخيارات الواردة أدناه :
1- إقليم واحد من دون ولايات .
2- إقليم واحد بولايات متعددة .
3- ولايات متعددة من دون إقليم .
ب : قسمة الثروة
نعلم أن الموارد الإقتصادية المتاحة للدولة السودانية محدودة و شحيحة , و على الرغم من ذلك فإن طريقة إستغلالها يشوبها الغبار بعدم تطبيق العدالة في توزيعة مما أدى الي ظلم بعض الجهات . و حسن الإستغلال يكمن في عدالة التوزيع لهذا القليل المتاح من الموارد , لذا نرى أن توضع معايير علمية بها تتم توزيع الثروة لكل السودانين مع تمييز إيجابي لكل المناطق التي همشت خاصة دارفور , على أن تتضمن تلك المعايير حجم السكان , ضعف البنيات الأساسية و التخلف .
ت : الأوضاع الإنسانية
إن تدهور الأوضاع الإنسانية و ما خلفه من آثار و مظاهر لا يقبله أي إنسان عاقل له أدنى شعور بالإنسانية , و التي تمثلت في وجود معسكرات بائسة لا ترقي ابدأ ليعيش بينها إنسان , الأمر الذي أدى الى وصف تلك الأوضاع بأنها أسوأ كارثة إنسانية في القرن الحادي و العشرين , و أصبح ذلك العنوان البارز لأزمتنا , مهدت الطريق للتدخلات الأجنبية في مشكلاتنا الداخلية بسبب عجز العقل السوداني في طرح الحلول الوطنية التي ترضي كل الأطراف و المؤسف أن مركز الدولة تهتم ببعض الأحداث الخارجية مثل أحداث فلسطين أكثر مما يعانيه مواطنية في دارفور الأمر الذي يزيد الشقة بين المواطنين و الدولة و نتساءل عن الدوافع وراء ذلك ؟.
المهم المطلوب من هذه الإستراتيجية الجديدة أن تتعامل مع حقائق الوضع الإنساني بجدية و مصداقية لإحتواء آثاره بصورة جذرية إبعاداً لشبح التدخلات الخارجية في شئوننا الداخلية.
ثالثاً : قضايا المجتمعات المحلية :
أكثر القضايا المؤثرة في مجتمعاتنا المحلية هي الصراعات القبلية المستحدثة بسبب التنافس على الموارد أو السيادة على الأرض , و بالتأكيد لا يخلو أي مجتمع من الصراع , و المدافعة طريق من طرق إبطال الإفساد لتحقيق الإصلاح و يكمن فلاح المجتمعات في قدرتها على حشد عناصر المغالبة و الإنتصار على الشر عن طريق تعديل سلوك أفراده ليتواكب مع قول الله عز وجل في محكم تنزيله (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) صدق الله العظيم , إن إستطالة الصراع المجتمعي الماثل دلالة على قصور في منهج التعامل مع أزمة الصراعات القبلية في دارفور , لذا فمن المهم تحديد الأسباب بدقة و السعي لمعالجتها بين مكونات المجتمع بالتراضي لتأسيس أسس العيش المشترك , و هنا يتطلب الأمر من كل أبناء دارفور بمختلف إنتماءاتهم السياسية و الإجتماعية التحلي بالحكمة و التنازل عن المواقف المتشددة التي تحكم العلاقات بينهم سياسياً و إجتماعياً.
آليات متابعة تنفيذ الإستراتيجية
من السهل إعداد إستراتيجية أو خطة , و لكن من دون متابعة لصيقة لمراحل تنفيذها و تقويمها و تصويب الإخلات فيها سوف لن ينتج عنها المردود الإيجابي المطلوب , و لفاعلية الإستراتيجية المطروحة الآن نرى أهمية إنشاء الآليات الملائمة لمتابعتها.
و من خلال فريق التفاوض الحالي الذي شكله فخامة رئيس الجمهورية و الذي يضم في عضويتة وزراء إتحاديين و ولاة ولايات دارفور , فإننا نرى أن هذا الفريق يمكن له أن يحقق ما لم يتم تحقيقه في السابق , و كي يكون هذا الفريق ملماً بكل جوانب الأزمة نقترح هيكلة الفريق التفاوضي كما يلي :
1- فريق التفاوض المشكل من قبل رئيس الجمهوريه في قمة الهرم لمباشرة مهامه التفاوضية حسب أمر تشكيله .
2- تشكيل لجان ولائية في ولايات دارفور تحت إشراف الولاه , تكون مهمتها جمع المعلومات و تنسيق آراء مجتمع الولاية و تقديم مقترحات الحلول لبعض القضايا المطروحة .
3- تشكيل لجان محلية برئاسة معتمد المحلية المعنية لتوصيل الرسائل و تعبئة المجتمع حول بعض القضايا التي تتطلب الإجماع .
ختاماً هذه هي رؤيتنا للإسهام بها في هذه الإستراتيجية الجديدة للتعامل مع قضية دارفور , طرحناها بكل تجرد بعيداً عن الهوي و الله من وراء القصد
و به التوفيق
جيجي- مشرف المنتدي العام
- رقم العضويه : 5
عدد المساهمات : 20
نقاط : 58
تاريخ التسجيل : 11/08/2010
مواضيع مماثلة
» السودان يحظر محطة بي بي سي الناطقة بالعربية، ويضيق الخناق على الصحافة
» مفوضية الاستفتاء على استقلال جنوب السودان منقسمة
» ارتفاع الاسعار بشكل جنوني في جنوب السودان
» فعاليات وحدة السودان تتواصل فى العاصمة الاماراتية ابوظبى
» خطة لبناء مدن في جنوب السودان على شكل ثمرة الأناناس والزرافة ووحيد القرن
» مفوضية الاستفتاء على استقلال جنوب السودان منقسمة
» ارتفاع الاسعار بشكل جنوني في جنوب السودان
» فعاليات وحدة السودان تتواصل فى العاصمة الاماراتية ابوظبى
» خطة لبناء مدن في جنوب السودان على شكل ثمرة الأناناس والزرافة ووحيد القرن
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى